{مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (18) وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19)}قوله تعالى: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ} يعني الدنيا، والمراد الدار العاجلة، فعبر بالنعت عن المنعوت. {عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} أي لم نعطه منها إلا ما نشاء ثم نؤاخذه بعمله، وعاقبته دخول النار. {مَذْمُوماً مَدْحُوراً} أي مطردا مبعدا من رحمة الله. وهذه صفة المنافقين الفاسقين، والمرائين المداجين، يلبسون الإسلام والطاعة لينالوا عاجل الدنيا من الغنائم وغيرها، فلا يقبل ذلك العمل منهم في الآخرة ولا يعطون في الدنيا إلا ما قسم لهم. وقد تقدم في هود أن هذه الآية تقيد الآيات المطلقة، فتأمله. {وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ أي الدار الآخرة وَسَعى لَها سَعْيَها} أي عمل لها عملها من الطاعات. {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} لان الطاعات لا تقبل إلا من مؤمن. {فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً} أي مقبولا غير مردود.وقيل: مضاعفا، أي تضاعف لهم الحسنات إلى عشر، وإلى سبعين وإلى سبعمائة ضعف، وإلى أضعاف كثيرة، كما روى عن أبى هريرة وقد قيل له: أسمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: «إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألف ألف حسنة»؟ فقال سمعته يقول: «إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألفى ألف حسنة».